عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-11-2011, 02:21 PM
كيورلامو كيورلامو غير متصل
أنيدراوي جديد
 
معلومات إضافية
الانتساب : Jan 2010
رقم العضوية : 53286
المشاركات : 26
   الجنس: الجنس: Female
  علم الدولة: علم الدولة Algeria
Tears قصة قصيرة...لكن يوجد فيها معاني كثيرة


أتمنى أن تعجبكم


كان دكانه في آخر القرية، بينة وبين الحقول مسافة قصيرة،

وكان متواضعا جدا؛ ليتناسب مع البيئة التي فتح فيها.

رأيته جالسا على كرسي قصير، وأمامة منضدة عالية عليها ادواتة.

وكان متوسط العمر، على وجهه آثار الصحة؛ وفي كفيه خشونة تتناسب مع

الصنعة؛ قابلني بوجه رزين لا ينبئ بشيء.

لم يكن فيه تودد ولا ترحيب.

ألقى علية نظرة خاطفة، وهو يتفحص الحذاء الذي قدمته له؛ وأحسست

بوطأة الخجل؛ وهو يقلبه بين يديه؛ كما يقلب الطبيب طفلا ميتا؛ وكأنة يقول

لي بغير كلام: لم يبق فيه ياسيدي شيء يصلح؛ ثم وضعه على المنضدة

أمامه؛ وأنصرف إلى خياطة حذاء جديد على وركية.

كل هذا ولم يرفع إلي طرفا؛ فأحسست بقلق وضجر وغيظ وبعد فترة تناهى

إلى صوته يقول؛ وهو مطرق نحو حجره:ماذا تريد ياسيدي؟!


- أريد أن تصلح لي الحذاء. فأجاب دون أن يغير وضعة، وكأنة يتحداني:


- خمسون جنيها.

- أنا لا أسألك عن تكاليف الحذاء الجديد.


- مفهوم.

-وسكت كل منا، وجعل يعمل إبرتيه المقوستين فيما بين يديه دون أن
يكلمني.

فقلت له:

- ألا يكفي ثلاثون؟



-- يفتح الله.


-وخطفت الحذاء، وانصرفت قبل أن أضربة بشيء مما أمامه.

وسرت في طريقي أتمام بدعوات وتمنيات مختلفة، حتى وصلت إلى

حجرتي، وجلست أستعيد الموقف.

ولما هدأ غضبي قلت:

- لامفر هل أسير حافيا؟ ليكن مايكون!

وعدت إلية وكان جالسا كما كان، يعمل إبرتيه المقوستين.

وألقيت علية السلام؛ فلم يرفع إلي طرفا، وجلست فلم ينظر إلي ووضعت

الحذاء أمامه، فلم يتحرك.

عند ئذ قلت:

- أرجو أن تنتهي من إصلاحه هذا اليوم.



- إن شاء الله.


- وبلعت ريقي وقلت في سذاجة:

- ألا يمكن أن تتنازل لي عن عشرة جنيهات؟



- إنك تبالغ . أنت تعرف جيدا الحالة التي آل إليها حذاؤك.


- أفرض أنني لا أملك هذا المبلغ.


- في هذه الحالة، استغن عن هذا الحذاء وأمش حافيا!!


فرفع إلي وجهه، وأبتسم للمرة الأولى،وقال بصوت خافت:

- لا تغضب ! ليس في الدنيا شيء يستحق الحزن.

- أنت لا تعرف كيف تتكلم !

- يخيل إلي ذلك. أنا لم أخطئ.

في الدنيا ناس يتمنون على الله أن يسيروا حفاة، ويكونون سعداء جدا
بذلك.

ألا تصدق؟! وفك رجليه؛ واظهر إحداهما من تحت جلابيته فإذا بها مقطوعة،

وكان مع ذلك يبتسم في هدوء!!!



-عندئذ؛ ذكرت المثل القائل(خرجت اطلب الحذاء فوجدت ناسا بدون رجلين)...

وعدت إلى مسكني أكثر هدوء وسعادة.



هالله هالله بالردود

الموضوع الأصلي : قصة قصيرة...لكن يوجد فيها معاني كثيرة || الكاتب : كيورلامو || المصدر : منتديات أنيدرا


رد مع اقتباس