وماذا به وجهي ..جميل كعهدي به...
_إني اعلم أنك لاتأخذين الأمر بجدية..لكني مازلت مصرة على أن ترتاحي ...
انظري إلي أنا التي أعمل عملاً لايقارن بعملك قد قدمت طلب إجازة استرد فيها أنفاسي...
_ذلك لأنك لاتجدين المتعة التي اجدها _أجالت بصرها في المقهى _وأكملت ...هنا حيث عالمي..
ودعت كل منهما صاحبتها..ثم نهضت نازك كي تنهي إجراءات فترتها ..
قامت بحساب الفوراتير..والتدقيق في الحسابات ..قبل أن تودع العاملين وتغادر المقهى ..فلقد انتهت فترة عملها لهذا اليوم والتي بدأت في الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الرابعة مساءاً ..ثمان ساعات..ثلث يومها تقضيه في إدارة المقهى ..
أثرها كانت سترضى بذلك قبل ثمانية أعوام ..؟!
لكنها الآن ترضى بل وترغب أيضاً..
غادرت المقهى وسيراً على الأقدام تتجه إلى مكان سكنها الذي لم يكن بعيداً عن عملها..
صعدت الي شقتها..وما أن دخلتها حتى وجدت جدتها أمامها ..يشرق وجهها بابتسامة الترحاب..
اتجهت إليها نازك وطبعت قبلتين حانيتين على خديها..
_مساء الخير ياجدتي ..كيف حالك؟
_مساء الخير..
هيا يابنتي استبدلي ثيابك ..ودعيني اجهز لك شيئاً تأكلينه..
ومايدريك ياجدتي أني أموت جوعاً..
كانت هذه الأخيرة تأتي من بعيد لأن نازك لم تكن لتنتظر كي تعمل وجدتها الطقوس اليومية..
غابت لفترة ثم عادت وقد بدلت ملابسها لتجلس إلى طاولة الطعام..وبدأت تلتهم الطعام...
نعم كان هذا أنسب وصف لها...
حتى أن جدتها أخذت تنظر إليها
وهي تبتسم وتقول:
_ترفقي يانازك..ستأكلين حتى تشبعين..
إنه الجووع ياجدتي ..إنه...
طبعاً لم تكن لتستطيع الكلام ..وكيف لها ذلك والأكل يملأ فمها ..
صبت الجده لنفسها كوباً من الشاي_وقالت وهي ترمق الدخان يتصاعد منه_:
_اسمعي يانازك..
إن عملك هكذا لايعجبني..
كانت الجده ستنطلق في كلامها إلا أن يد نازك ارتفعت أمامها بشكل أفقي وكفها مبسوطة باتجاه جدتها..
كفت الجدة عن الحديث حين رأت هذه الإشارة ..وهي تنظر الي حفيدتها كأنما تستوضحها السبب..إلا أن نازك لم تكن مهتمة إلا بأن تقذف اللقمة إلى جوفها..وحين تم لها ذلك قالت:
_وأنني يجب أن أترك هذا العمل ..أليس كذلك..
_نعم..
_أو على الأقل أقلل سلعات الدوام..
_وكيف عرفت ذلك؟!
وحملت بملعقتها لقمة من الطعام قذفت بها إلى فمها..وأعقبتها بكوب من الماء..كي تسهل عملية مضغها لأنها لم تكن تملك وقتاً كافياً لذلك..كل ذلك والجدة تتابع حركات حفيدتها ولا تدري ماتقول...
_أو أن لآخذ إجازة أستريح فيها من عناء العمل..
قالت الجدة ووجهها يحمل علامات الاستغراب :
_كأنما تفكرين عني..
_أبقي شيء ياجدتي لم أقله؟