اسمحوا لي قبل أن أبدأ في كتابة قصة هذا الشهر ، أن أتكلم قليلاً
أولاً : كان هدفي منذ نشر الرواية الأولى أو بالأحرى بعد كتابتها و عرضها على بعض الأصدقاء المقربين ، أن تخرج الرواية الثانية أروع بكثير من الرواية الأولى ، لأننا اعتدنا على أن العدد الأول قوي و بعدين الثاني ضعيف و بعدين يرجعوا ينتبهوا في الرواية الثالثة و يخلوها قوية . .
و لن أنكر انه ربما أخطأت و أنا أكتب الرواية الثالثة و تساهلت فيها قليلاً ، و السبب أنه أول روايتين كانوا جامدين و فيهم ألغاز و تعقيدات ، و حبيت الرواية الثالثة تكون فيها متعة قليلاً بحكم أن الأبطال لسه شباب صغير و لازم يكون فيها بعض المرح و اكتشفت هذا بعد ما انتهيت من القصة و طبعتها و قرأتها كاملة مرة واحدة ^^" و قد كنت قد أنهيت هذه الرواية في 24 ساعة فقط ، فاعذروني لو ما عجبتكم الرواية الثالثة و أعدكم أنه لو في أي أخطاء ماراح تتكرر في الروايات القادمة
ثانيًا : لاحظت معجبين كثر للأخ (يـوسـف) محظوظ الواد دا ، عشان كدا حبيت تكون الرواية الثالثة عنه و عن عائلته و ان شاء الله في الروايات القادمة سنعرف أكثر و أكثر عن (هـانـي) و توأمته (هـدى) و عن قدراتهما في التحري و أيضًا نلقي الضوء على عائلتهما أما بالنسبة لـ(رزان) ... فما أدري في ناس كتير مو معجبين بيها لكن هنعرف أكثر عنها في الروايات القادمة بس بالتقسيط
ثالثًا : أنا اتكلمت كتير ^^" ،، فلنتابع الرواية ...
أيقظت صرخة أحد الفتيات نصف سكان ذلك الحي الهادي ذلك اليوم ، و في منزل تلك الفتاة ، أُضيئت كل أضواء المنزل و دبت الحركة فيه بسرعة !
صرخت تلك الفتاة و هي تنظر إلى ساعتها :
- لقد تأخررررررررررررررررررررت !! يا إلهي ! إنها الثامنة!! صباح الخير يا أمي !! سأطرد حتمًا من المدرسة !!
كانت تتكلم و هي تقفز من على فراشها و تسرع نحو الحمام لتغسل وجهها و تنظف
أسنانها ، ثم توجهت لتقبل وجنة والدتها ثم تسرع لترتدي ملابسها و قد تهدلت ربطة عنقها لعجلتها ، كانت سرعتها مدهشة مما دفع والدتها لتقول لها و هي رافعة حاجبيها في دهشة و تعجب :
- رزان !! لمَ كل هذه العجلة؟!
صاحت (رزان) في عجلة :
- ماذا تقولين يا أمي !؟ إنها المدرسة ، لو كان لدي وقت لتهجئتها و لكنني في عجلة من أمري ! إلى اللقاء !
و خطفت قطعة بسكويت من على الطاولة و أسرعت مغادرة ، فنظرت والدتها إلى النتيجة المعلقة و قالت :
- المدرسة ! اليوم ؟!
و علت صفحة التاريخ يوم الإجازة .. يوم الجمعة !!
* * *
تثاءب (يوسف) و مطَّ جسده في كسلٍ و صاح قائلاً:
- ياله من صباح جميل ! الشارع هاديء اليوم ، يا لسعادتي !
و فجأة وجد غبار و قطار مسرع ناحية سور حديقته و هتف قائلاً:
- صباح الخير يا (يوسف) ، كيف حالك؟
و أسرع ذلك الغبار مبتعدًا و لولا معرفة (يوسف) بأنه صوت (رزان) لقال إن الغبار تكلم لتوه !
و أسرع ناحية سور الحديقة و هتف قائلاً:
- رزان ! إلى أين أنت مسرعة هكذا في هذا الصباح الباكر ؟!
و لكن لا إجابة ، فقد كان قطار الغبار قد مر !!
و على مقربة من منزل (يوسف) كانت سيدة عجوز تتمشى مع كلبها الصغير عندما مرّ من جانبها قطار الغبار و هتف قائلاً:
- صباح الخير يا سيدتي ! صباح الخير يا (بوبي) ! وداعًا يا سيدتي ! وداعًا يا (بوبي)!
اتسعت عينا العجوز في دهشة ونبح كلبها !
أسرعت (رزان) الخطى و هي تندب حظها و توقفت فجأة و اتسعت عيناها دهشةً و هتفت قائلة :
- ماذا ؟! لماذا المدرسة مغلقة ؟!
اقترب منها في هذه اللحظة رجل عجوز و قال لها :
- اليوم ...
قطع جملته حينما لمح نظرة الرعب المرتسمة على وجه (رزان) و أسرعت مبتعدة ، فمط العجوز شفتيه و تمتم :
- يا لشباب هذه الأيام !
توقف قطار الغبار مجددًا عند منزل (يوسف) الذي كان يروي حديقة منزله ، و صاحت (رزان) فزعة :
- يو..يو..يوسف ، لماذا المدرسة مغلقة ؟!
توقف (يوسف) عن ري حديقته و قال لها :
- لو كنتِ استمعتِ إلى قبل قليل لكنتِ عرفت أن اليوم هو الجمعة !! إجازة يا (رزان)!
شهقت (رزان) و تمتمت بخفوت :
- أيعني هذا إنني ذهبت المدرسة في يوم خاطيء ؟!
رد (يوسف) ساخرًا :
- هذا يرجع إلى تقييم حضرتكِ !
ردت (رزان) بعصبية :
- أرجوك يا (يوسف) ، الموقف لا يحتمل أي سخرية !
ابتسم (يوسف) و قال:
- حسنًا ، أريد أن أريكِ شيئًا مهمًا ، تعالي معي !
عبرت (رزان) الحديقة و تبعت (يوسف) حين فتحت سيدة في أواخر الثلاثينات من عمرها ، حمراء الشعر سوداء العينين و ترتدي ثوبًا أبيض فضفاضًا و هتفت في سعادة :
- يوووسف ! عزيزي يوسف !
اقتربا منها في تلك اللحظة فاتسعت عيناها في دهشة للحظة لمرأى (رزان) ثم صاحت قائلة:
- أوووه ! يا لجمالها !
ثم أسرعت في احتضان (رزان) و هتفت في سعادة :
- جو !؟ هل هذه صديقتك من المدرسة ؟!
أجاب (يوسف) مبتسمًا :
- أجل ، إنها تُدعى ...
قاطعته والدته و هي تمسح على شعر (رزان) و تقول في سعادة :
- إنها أجمل من (راندا) و (سوزان) بكثير ، ماهو اسمكِ يا صغيرة؟!
أجابت (رزان) بصعوبة :
- ر..رزان يا سيدتي ، سعيدة بلقاؤكِ !
تأملت والدة (يوسف) وجه (رزان) و قالت :
- هااااه ! و لديها صوت رقيق أيضًا !
احتج (يوسف) قائلاً:
- رقيق ؟ لقد أيقظت الحي منذ قليل !
نظرت إليه والدته و قالت موجهة كلامها لـ(رزان):
- انظري لشراسة الأولاد يا عزيزتي ! إنهم يمتلكون حنجرة قوية فقط ! ما رأيك أن أبادلك مع (يوسف) ، عليّ أن أتحدث مع والدتكِ في هذا الأمر ! هيا تعاليّ معي !
و سحبتها من يدها إلى داخل المنزل ، و لكن اعترضت طريقاهما فتاة صغيرة تشتعل غضبًا و صاحت قائلة :
- هل هذه حبيبة أخي ؟! أجيبي بسرعة !
توترت (رزان) و أجابت قائلة :
- لـ..لا! لست كذلك !
صاحت والدة (يوسف) :
- هاه ! ماذا تقولين يا روزي !؟
رد (يوسف):
- صحيح يا أمي ! إنها ليست حبيبتي ! إنها صديقة فحسب !
صاحت والدة (يوسف) :
- أهاا ، إذن لست كذلك ! حسنًا ، سنجعلكِ حبيبة ابني أو ابنتي بأي طريقة !
صاح (يوسف) بلا أمل:
- ماما !
أكملت والدته طريقها مع (رزان) بدون أن تعيره انتباهًا و أخذت تتكلم و تتكلم ، في حين اقتربت أخت (يوسف) منه و همست قائلة :
- هل ما قلته لأمي صحيح ؟ أليست حبيبتك؟!
التفت إليها (يوسف) و قال بود :
- نعم ، ليست حبيبتي ، اطمئني يا (جنى) !
ابتسمت (جنى) في سعادة و احتضنت أخيها في سعادة و من خلف والدتهما ، تأملت (رزان) للحظات (جنى) ، كانت فتاة صغيرة في العاشرة من عمرها ، صهباء مثل والدتها لكنها تمتلك عيونًا زرقاء مثل أخيها و بشرة وردية جميلة تحمل أنفًا مستقيمًا و حواجب رفيعة و فم صغير ، و أخذت تضحك في سعادة مع أخيها متجاهلة وجودها .
* * *
"لابد أن أختك تحبك كثيرًا !"
نطقت (رزان) تلك الجملة و هي تتأمل حجرة (يوسف) ، كانت أول حجرة في المنزل على اليمين ، تحتوي على نافذتين تطلان على الحديقة ، و حولهما ستائر مخملية اللون ، و قد استقر أسفلها فراش صغير ، و أمامه مكتب مرتب عليه بعض الكتب و الصور و جهاز كمبيوتر منزلي ، و آخر محمول مغلق في حقيبته ، و في الجهة الأخرى من الغرفة استقرت مرآة كبيرة و بعض كراسي تُسمى بالجلسة العربي ، كانت حجرة منظمة منسقة تدل على اهتمام صاحبها بها و قضاءه فيها الكثير من الوقت .
ابتسم (يوسف) و أجاب :
- أجل ، إنها لا تتحمل أن يكون هناك شخص آخر غيرها في قلبي ! لقد كانت تعامل (سوزان) و (راندا) في منتهى الحقارة و لم تكن تجلس معهما أبدًا !
التفتت إليه (رزان) و قالت:
- هكذا إذن !
ثم أطلقت ضحكة قصيرة و قالت :
- حمدًا لله إنني لست مثلهما !
ابتسم (يوسف) ثم نهض من مقعده و اتجه ناحية المكتب و أخذ مظروف مغلق ، فتحه و ناول لـ(رزان) ورقة مطوية بداخله قائلاً:
- هذا ما حدثتكِ عنه هذا الصباح ! لقد وصلتني هذه الرسالة مساء أمس !
فردتها (رزان) و قرأت بعض سطورها و قالت :
- إنها رسالة من عمك ! ما الغريب فيها ؟!
- انظري إلى تاريخ الرسالة .
- الثامن و العشرين من مايو عام ألفين و ثمانية !!
نظرت إليه بدهشة ، فأوميء برأسه و لوح بالمظروف قائلاً:
- لقد مات عمي هذا منذ خمس سنوات !
علت الدهشة وجه (رزان) للحظة ثم عادت بنظرها للرسالة و تمعنت التاريخ جيدًا ، فقال لها (يوسف):
- لقد تحققت من التاريخ طوال ليلة أمس ! لا فائدة !
- إذن ؟
رد (يوسف) مبتسمًا :
- اقرأي الرسالة !
- عزيزي الأنيق / يوسف أمير
لقد اشتقت إليك كثيرًا ، أنت لا تعرف كم تكلفني هذه العزلة التي أعيشها هنا !
جميع من حولي تحولوا لوحوش ، يتمنون خلاصي جميعهم و الاستيلاء على ثروتي ، تخيل ! حتى خادمي المخلص (سمعان) كان يريد نصيبه من إرثي بحجة إنه رعاني لمدة تزيد عن العشر سنين ! و كأنني لم أكن أدفع له أكثر من ألفي جنيهٍ في الشهر ! لقد قررت يا ابن العزيز أمير ، سأكتب كل ثروتي باسمك و اسم والدك و والدتك الطيبة و أختك الرضيعة ، و حتى و لو لم أتمكن من كتابة وصيتي عند محامٍ ، فاعتبر هذه الرسالة وصيتي و لكن لتصل إلى ثروتي عليك أن تفعل ما سأقوله لك :
اذهب إلى مدينة الخديوي ، و ادخل فيلا 10 و سر خمس و عشرون خطوة باتجاه المدفأة الكبرى وقت التعامد ، ابحث في الأخضر لمدة ساعة و ستجد ثروتي كلها في انتظارك أنت و عائلتك ! بالتوفيق يا بني !
المخلص / عمك أسامة
ساد الصمت بضع لحظات على المكان ثم بدأت (رزان) قائلة :
- يبدو لي أن هذه الرسالة هي رسالة كنز !
هزّ (يوسف) رأسه و قال:
- ربما ، كل ما نعرفه أن عمي كان شخص ثري جدًا و امتلك العديد من القصور و الفيلات في كل دول العالم تقريبًا و كانت له علاقات وثيقة ببعض أشهر شخصيات العالم ، و لكنه توفي في الثلاثين من مايو عام ألفين و أربعة !
- كيف كتب الرسالة و هو ميت ؟! هل كتب الرسالة بتاريخ مقدم ليضلل من يحاول الوصول إليها قبلنا ؟ أم أنه ظل حيًا حتى ذلك الحين و أرسل الرسالة ؟ و لماذا تأخرت الرسالة سنة قبل أن تصل إلينا ؟ هل ضاعت في البريد؟ أم أن أحدًا ما كان يمتلك الرسالة و تركها عنده أو نسيها و تذكرها الآن ؟!
كان (يوسف) يستمع إلى (رزان) بهدوء ثم قال :
- أسئلة كثيرة و لا جواب واحد !
ابتسمت (رزان) و لوحت بالورقة في يدها و قالت :
- سيكون هنالك جواب ، سنتجه إلى مدينة الخديوي كما قال عمك ، أين كان يسكن ؟
نظر (يوسف) لعنوان المظروف و قال :
- لقد كان يسكن الإسماعيلية و هذه الرسالة مرسلة من الإسماعيلية أيضًا !
ابتسمت (رزان) و قالت :
- إذن ، إلى مدينة الخديوي !