flash back
لقد عادت الأمور إلى مجاريها بينه وبين كامي، لا بل صارت أفضل. كان جين حينها في الرابعة عشر وكامي في الثالثة عشر.
"ني، كامي – تشان ماذا تريد أن تفعل؟ تنزيه ران أم حل الواجبات؟''
''تعلم أني سأختار حل الواجبات...ما دام لدي واجبات" قال كامي وهو يحمل ران بين يديه، كان الاثنان على وشك الخروج من حديقة القصر.
"جيد، لأنه ليس لديك واجبات" قال جين بسرور لكنه توقف حين رأى كامي يحدق نحو السيارة السوداء التي دخلت القصر فجأة وكان في عينه بعض من الحقد.
نظر جين إلى السيارة ثم الى كامي ثم الى السيارة مجددا، عندها رأى السيارة تتوقف أمام سلم المؤدي لباب القصر، ويخرج منها رجل يرتدي زيا رسميا أنيقا ونظارات سوداء. كان على محياه ابتسامة ماكرة، التفت شمالا ويمينا ليتفقد المكان، قبل أن يخرج والدا كامي لاستقباله.
"سعيد لرؤيتكما.." قال الرجل وهو يصافح والد كامي، ثم والدة كامي اللذان لم يبدوَا بسعادة الرجل، إن كان حقا قد عنى ما قاله.
"دوزو (تفضل).." قال والد كامي يفسح المجال للرجل بالدخول، وبالفعل دخل الرجل رفقة الزوجان إلى القصر التفت، حينها جين إلى صديقه بقربه ليجده يرمق الرجل بنظرات حاقدة وهذا جعله يرتاب، فماذا رأى كامي في ذلك الرجل حتى ينظر إليه بتلك الطريقة.
"كامي؟" ناداه جين ولكنه لم يجب، فناداه مرة أخرى "كامي، نان ديس كا(ما الأمر)؟"
التفت كامي فجأة إلى جين وبارتباك "آه...لا شيء. فلنذهب للتنزه مع ران. هلا فعلنا" ثم وضع ران أرضا حتى تستطيع القفز واللعب بحرية وهم في طريقهم للحديقة.
~~~~~*****~~~~~
مشى جين رفقة كامي والهدوء يعم الجو حولهما، وكانت ران هي الوحيدة المستمتعة بالقفز واللعب في الأرجاء.
'كامي يخفي شيئا' فكر جين، فقد اعتاد من الأخير الحديث معه كثيرا عندما يكونان وحدهما "كامي هل يمكنني سؤالك عن شيء ما؟"
التفت كامي بعفوية له وكأنه شك في أنه حدثه "هل قلت شيئا؟" سأله بارتياب.
"أجل...اردت سؤالك عن ذلك الرجل التي أتى لزيارة والديك. هل تعرفه؟"
"إيي (لا). لم تسأل؟"
"لا اصدقك...فأنت لم تعد تبدو بخير منذ رؤيتك له." قال جين بجدية
"إه....؟؟" كان رد كامي وقد اتسعت عيناه.
"تعلم أني أستطيع قراءتك...فلا تكتب بحبر سري.."
"جين!.."
"أخبرني...ما الذي أزعجك عند رؤيتك لذلك الرجل؟"
أطرق كامي حينها ليقول "ظننتنا ننزه ران..."
"وقد اعتدنا الحديث معا عن مشاكلنا عندما ننزهها"
"هي ليست مشكلتي.." قال كامي بصراحة وهو لا يزال مطرقا، توقف بعدها وكان الاثنان قد وصلا إلى ضفة النهر، فجلسا هناك وتركا الجروة تلعب.
"مشكلة من هي، إذن؟"
"داريه مو (لا أحد)"
"ماذا تعني؟" سأل جين باستغراب، إن لم تكن هناك مشكلة لم هو منزعج إذن.
"كل ما في الأمر أني لا اثق بذلك الرجل..."
"..لقد قلت توا أنك لا تعرفه، فكيف تقول أنك لا تثق به؟" سأل جين بجدية.
"لقد كذبت. ذلك الرجل هو ابن عم والدتي وهو شريك لوالداي...سمعتهم يتناقشون في موضوع حساس قبل أسبوع يتعلق بالشركة فقد أراد هذا الرجل بيع حصته لمستثمر أجنبي وهذا ما لم يرضى عنه والداي بحكم أن شركتنا محلية مائة بالمئة ولكنه اصر، رغم محاولات والدي لإقناعه. هو يبدو كأنه يخطط لشيء ما من وراء هذا البيع.." قال كامي.
"لم تقول ذلك؟ لعله يريد المال فقط" قال جين وهو يجلس قربه.
"لا. فالمبلغ الذي اقترحه والداي لشراء حصته يفوق مبلغ المستثمر ستة أضعاف"
"امم...حسنا.. يبدو أن لديه صفقة من ذلك إذن"
"أخشى على والداي منه...فهو يملك ملفا جنائيا، هذا ما حصلت عليه عندما بحثت عن اسمه في شجرة عائلة أمي"
"كامي.." قال جين بحزن "لا بأس عليك لعل كل هذه مجرد مخاوف وهواجس لأنك تخشى على والديك...لعل الرجل تغير وقد يكون هناك ربح ما للشركة من وراء شراكة أجنبي"
"ها~.. جين هل أنت في صف ذلك الرجل؟" سأل كامي بعدم تصديق وهو ينظر إلى جين.
"لا.. بالطبع لا" رد جين بارتباك بعدها اردف بجدية "ما اريد قوله هو، أني أومن بأن هناك سببا لكل أمر.."
"ولقد أخبرتك سببه أو تريد التفصيل أكثر" قال كامي بغضب تقريبا يصرخ "إنه يظن انه الاحق بالشركة وأنه الوريث الوحيد لها، وأن أمي متطفلة لأن جدي لم يكن من مؤسسي الشركة، بل تدخل حتى يمنعها من الانهيار من الخلال الاستثمار فيها. لذلك عليها ترك منصبها كمديرة عامة له، غير أن الوصية كشفت أن جدي اشترى الشركة كلها من ابن عمه، وهذا الرجل لديه حصة...حصة بسيطة فقط...ولكنه مجنون ولا يريد الاقتناع...''
"كامي؟"
end of the flash
++++
سكت جين عن سرد القصة، حين رأى كامي منزعجا في نومه، لا بد أن سماعه للقصة وهو نائم سبب له كوابيس "أتعلم، يامابي؟" قال جين وهو يمسح على شعر صديقه "لقد ندمت حين وقفت –وإن لم يكن كليا– إلى جانب ذلك الرجل لأن ما حدث بعدها جعلني...أومن أن هناك سببا لكل امر ليس واضحا سببه مسبقا"
++++
flash back
"كازو– تشان " كان هذا صوت والدة كامي وهي تدخل إلى غرفته المظلمة "هل نمت يا عزيزي؟"
"كاا– سان..." رد كامي وهو يشعل النور الخفيف بالقرب من سريره.
"هاي.." قالت أمه وهي تجلس على السرير بقربه، مدت يدها إلى وجهه الجميل تداعبه بحنان "أتيت لأسألك...لماذا لم ترافق أشقائك الى المنزل الصيفي..؟" وكان لدى كامي شقيقين اكبر منه يوتشيرو وكوجي وشقيق واحد يصغره بتسع سنوات يدعى يويا وكان في الرابعة من عمره.
"ببساطة كاا– سان لأننا لسنا في الصيف.."
ابتسمت الأم لرد ابنها الذكي، اقتربت منه وقبلت جبينه بحنان قائلة "أوتو – سان وكاا – سان (والدك وأمك) سيستقبلان ضيفا مهما هنا وسنتأخر في العمل لذلك لم أرد ازعاجكم. فكان من الأفضل لو ذهبت مع اخوتك.." سكتت قليلا ثم أردف "ولكن مهما يكن، كازو– تشان. أنت تعلم كم نحبكم" هز كامي رأسه أن نعم فابتسمت الأم "عدني يا بني أنك ستكون دائما إلى جانب أشقاءك وستخبرهم بمدى حبنا لهم"
"أعدك" كان رد كامي وهو لا يشعر بالاطمئنان.
~~~~~*****~~~~~
كانت الساعة تشير للثانية عشر ليلا بعد منتصف الليل وكان جين نائما في سابع نومه. فجأة رن هاتفه ليقلق نومه، أخرج يده من تحت البطانية وأخذ الهاتف، ودون أن يرى المتصل وضع السماعة على أذنه، ورد بنعاس "مرحـ ~با "
"جين..." أتى ذلك الصوت المذعور من الطرف الآخر، وهو صوت جد مألوف لديه.
"كامي...هل هذا أنت؟" فتح جين عينيه بسرعة وصدمة، لم هو خائف هكذا؟
"تايسكي ديكيري (النجدة)...." كان هذا آخر ما قاله كامي، وهذا جعل جين ينهض من سريره بسرعة.
"كامي...دوشيتا نو (ماذا هنا)؟ ما بك؟...ماذا يجري؟" سأل جين بخوف على صديقه، ولكن لا رد فالخط قد انقطع، ودون تفكير خرج من غرفته مسرعاوكانت الضجة التي أحدثها وهو يركض في الرواق قد ايقظت والديه.
"جين!... " نادته أمه بقلق من أعلى السلالم في الطابق الثاني، ولكنه لم يرد فلحقت به هي ووالده.
~~~~~*****~~~~~
ركض جين بسرعة باتجاه منزل كامي لأنه كان قريبا، ولما وصل وجد أن البوابة الأمامية للقصر مفتوحة فدخل بسرعة يقطع طريقه في تلك الحديقة العملاقة نحو باب القصر الأساسي، وكان والداه المدهوشان يلحقان به.
"ماذا به؟" سألت الأم.
"لعل شيئا ما راعه.." أجاب الأب دون أن يعلم السبب ولكنه توقف حين رأى جين قد توقف أعلى السلالم أمام الباب البني الفاخر "بني، ماذا بك؟" سأل بقلق وهو يرى الصدمة على وجه ابنه.
اشار جين بيده الى الباب مباشرة فنظر والداه إلى حيث أشار، ليَريا ذلك المنظر البشع لجثة رئيس الخدم العجوز الذين يعرفونه جيدا. كان مرميا على عتبة الباب ودمائه تملأ المكان.
"يا الهي" هذا ما بدر من والدة جين ثم نظرت إلى زوجها "ماذا حدث هنا؟" وكان زوجها قد أخرج هاتفه من جيبه ليتصل بالشرطة والاسعاف.
"هاي...إنه مسكن عائلة كاميناشي.. الشارع الخامس رقم 185.. اجل سيدي هناك جثة.....لا...لا أعلم بشأن بقية السكان...حاضر سيدي" أغلق والد جين الخط ثم نظر إلى زوجته قائلا "إنه يطلب منا الابتعاد عن مسرح الجريمة حتى لا نفسد الادلة، قال أن الأمر قد يكون عملية سرقة انتهت بقتل سكان البيت"
"لا....لا..." صرخ جين "لا يعقل...كامي...كامي " وهم بالدخول إلى المنزل ولكن والده أمسكه.
"اهدأ جين.. نحن لا نعرف عدد الضحايا...لعل عائلة كاميناشي ليسوا بالبيت..."
"لا...لقد اتصل بي وكان خائفا...لقد طلب النجدة... كامي بالداخل....كامي..." صرخ جين وهو يبعد يدي والده ويدخل المنزل متجاهلا نداء والديه المتكرر، ولما دخل تفاجئ بعدد الجثث المرمية على الأرض، كانوا الخدم المقيمين كلهم ميتين ودمائهم تملأ المكان.
''لا...لا...لا...كامي – ساما أونيغاي (أرجوك يا الهي)...إلا كامي'' تمتم جين بذعر قبل ان يركض نحو الطابق العلوي حيث غرفة كامي، ولما صعد وركض في الرواق قليلا توقف قبالة باب مكتب السيد كاميناشي، حيث كان مفتوحا قليلا وكان الضوء مضاء، وكان هناك أثار دماء على الأرضية الظاهرة من الغرفة، حاول جين كبت دموعه واقترب من الباب ليفتحه كليا، وهناك كانت الصدمة الكبرى له، فقد رأى والدا كامي جثتين هامدتين تسبحان في دمائهما.
"أوجي– سان(عمي).." تمتم جين غير قادر على قول شيء وفي تلك اللحظة وصل والديه.
وضعت أمه يديها على فمها لتكبت صراخها المذعور لدى رؤيتها لذلك المشهد البشع، أما والده فصرخ تقريبا "يا الهي... كاميناشي– سان" اقترب من ابنه ووضع يده على كتفه، أما ذراعه الأخرى فقد كان يضم بها زوجته إليه "من المجرم الذي فعل ذلك؟"
كان جين متجمدا مكانه من شدة الصدمة، لم يستطع التحدث ولا التحرك وهو يفكر في أن والدا صديقه المقرب والذي اعتادا تدليله ومعاملته كولدهما ميتان أمامه الآن.
"كوري وا ياكوسوكو ديس كا؟ (هذا وعد)"
"هاي!"
"هل ستبقى معه للأبد، لتحميه وتكون بجانبه اذا احتاج لشخص ما؟"
"أجل!"
تذكر جين آخر ما قالته والدة كامي له، هل كانت تشعر بقرب نهايتها؟ لم يستطع بعدها كبت دموعه أكثر فركض نحو الجثتين ليضم جثة والد كامي رغم الدم واخذ بالبكاء "لا...اوجي – سان...استيقظ أونيغاي (أرجوك)...لا تذهب...افتح عينيك...أونيغاي....لا تذهب" بكى بصوت مرتفع قطع قلب والديه اللذان تركاه على راحته، فهما يعلمان ما كان المرحومان يعنيان لولدهما.
"ج – جين..." قال والد كامي بصوت ميت تقريبا، ما جعل المنادى يفتح عينيه لآخرهما، هل هو يحدثه؟ هذا يعني أنه حي.
"أوجي – سان..." صرخ جين تقريبا.
"كـ – كازو...دوكو ديه (أين)....ابني..؟" هذا ما سأله الوالد قلقا على ابنه.
"اوجي – سان، تحمل. الاسعاف قادم" قال جين دون أن يتطرق للأمر الذي كان يخشى اكتشافه.
"كاميناشي – سان، تحمل" قال والد جين وهو يقترب منهما.
~~~~~*****~~~~~
ركض جين باتجاه غرفة كامي وقلبه يرتجف، يخشى أن يجد صديقه جثة هامدة. فتح الباب بقوة ودخل ولكن لا اثر لكامي هناك، لا اثر إلا لبعض الدماء على الأرضية تتجه نحو الشرفة التي كانت مفتوحة، وهناك بالقرب من الدماء هاتف كامي المحطم. أسرع جين إلى الشرفة التي افترض أن القاتل هرب منها، ولكن أين صديقه؟ كان هذا هو السؤال المهم في تلك اللحظة.
"يا الهي...يا الهي...يا الهي...أرجوك فليكن على قيد الحياة...'' دعا جين وهو يشبك يديه ثم صرخ ينادي صديقه "كامي...هذا أنا جين...أجبني إن كنت تسمعني...أونيغاي..." انتظر قليلا وهو يلتفت حوله.
انتظر جين ولم يحصل على الاجابة التي تشفي غليله وتطفئ ناره، فباشر بالخروج من الغرفة، فجأة توقف حين سمع صوت بكاء قادم من جهة الحمام المرفق بالغرفة.
أخذ قلبه ينبض بسرعة كبيرة وهو يسير ببطئ تجاه الحمام، مد يده الى المقبض وابتلع ريقه بارتباك قبيل أن يفتح الباب بقوة.
يتبع