ذكـريَــات خـريــفــيّــة ..! مُشـآركة "

[‏мɪsao »]

صَوتُ خُطوَاتٍ مُسرعَة عَلى أورَاق الشَجر اليَابسَة يَعلُوه زَئير الريّــاح مُعلنَاً دُخُـول فَصلِ الخَريف وشَـاحٌ أبيَض مَنقُوشٌ برسُومَأتِ الزهُـور .. يُغطي تلك الوَجنتين الوَرديّتين البَاردتين .. خُصلاتٌ مِنَ الشَعر البُنّي تتدلَى عَلى تلكَ الجَبهَةِ الناعِمَة وَ تَتَطَاير خُصلَاتٌ أخرَى مِنَ الخَلف .. نَعَم .. هَأ هي ... تَقفِ تلكَ الفَتاة ذَات الثمَانية عشَر رَبيعاً أمَـامَ شَجرَةٍ مُعمّرَة قَد سَقَطَت أورَاقُهَا جَميعَاً لتَترُكَهَا عَــاريةً في وَجهِ الريَـاح .. تَقترِبُ مِنَ جذع الشَجرَة لتَجِدَ ذلكِ النّقش لا يزَالُ مَوجوداً نَقشٌ بأحرف اسميهمَا .. تَتَحسّسُه بيدهَا البَاردة .. وَ تَذرِفُ دَمعةً هيَ أبرَدُ مِن يَدهَا ...! يَالَكَ مِن مُخَادع لقَد حَفَرتَ حَرفينَا عَلى هَذا الجِذع , لِتَكُون الشَجَرة شَاهدَةً عَلى وَعدكَ لِي بالبَقَاء قُربي دَومَاً . أخبَرتنِي بأنّهُ مَهمَا طَالت المَسَافة بَيننا فإنّك سَتَبقَى مُعَلقّاً بِي , لَقَد كَانَت حُجّةً وَاهيَة فَقَط لتَجعَلني أوَافِقُ عَلى سَفرك للحُصُول عَلى ذلك العَمل . لَكن رُقيّ المَدينَة وَ تَرفَهَا جَعلَك تَنسَى مَحبُوبَتَك التي بانتظَارك . لَم تُشغل بَالك بإرسَال أي رسَالةٍ لِي , رُغمَ ذلك خَلَقتُ لكَ الأعذَار وَ بقيتُ انتَظرُ بِصَمت .. حَتَى عَلِمتُ بنَبَــأ خُطوبَتِك مِن إحدَى الفَتَيَات الثَريّات ! تُسنِدُ رأسَهَا المُثقَل بِهمُوم الغَدر عَلى جذعِ الشَجَرة عَلّها تَحنُو عَليهَا , وَ تَشهَقُ شَهقَةً تلاهَا بُكَاءٌ مَرير . تدلّت تلكَ القلادةُ الفِضّيَة مِن تَحت الوشَاح .. وَ كَانّمَا تُريد تَذكيرَهَأ بشَيء تَجذُب تلكَ القلادَة بقُوّة لتَقطَعهَا ثُمّ تَنظُر إليهَا بعَينيهَا الدَامعتَين .. لَقَد مَضَت عَشرَةُ أشهُر عَلى رَحيلِك .. وَ مُنذُ ذلكَ الوَقت وأنَا في عُزلَةٍ عَن العَالم .. تَشُدّ بيدهَا عَلى القِلادَة ... هذَا يَكفي .. حَانَ وَقتُ الخُروجِ مِنَ العُزلَة وَ العَودة إلى الحَيَاة .. لَن تَكُونَ هَذه هيَ النهَايَة .. لَستُ ضَعيفَة .. أنا لَا أحتَاجُ إلَيك .. تَتَراجَعُ عدّة خُطوَاتٍ إلى الوَرَاء .. تَنظُر إلى تلكَ الشَجرَة ... يَااااه مَا أعظَمكِ ! انتِ صَامدَة رُغمَ كُلّ هَذه الريَاح وَ العَوَاصِف .. رغمَ أنّكِ بلا أورَاق تَقِفِين شَامخَةً فِي وَسَطِ الغَابَة .. تَحكِين حِكَاية صُمُودٍ قَد نُقِشَت عَلى كُلّ جِذعٍ مِن جُذُوعِك تُرَى كَم عَانَيتِ وَ كَم تَضَرّرتِ ! أوَتعلَمينَ شَيئَاً ..! سَأكُون مِثلك ... لَن أنحَني مَهمَا سَاءت الأمُور .. وَ ذلِكَ الخَائن ... سَأُسقِطُه مِن ذاكرَتي كَمَا تُسقِطين أورَاقَكِ اليَابسَة .. تَلتَفِتُ لتَجعَل الشَجَرة خَلفهَا ... ثُمّ تَمضِي رَاميَةً تِلكَ القلادَة بَينَ أكوَام الأورَاق الصَفرَاء المُتَجمّعَة أسفَل الشَجَرة وَهي تُتَمتِم : كَمَا تُسقِطين أورَاقَكِ اليَابسَة .. كَمَا تُسقِطين أورَاقَكِ اليَابسَة .. تَمّت .. يُمنَع النّقل "

الموضوع الأصلي : ذكـريَــات خـريــفــيّــة ..! مُشـآركة " || الكاتب : ‏мɪsao » || المصدر : منتديات أنيدرا