3- فيلا 10 :
انطلقت سيارة والدة (يوسف) بهم و الكل فيها صامت يفكر فيما حدث في القصر و ما سيحدث بعد ذلك ، و بدا الجميع متجهمين عاقدين الحاجبين و هم يفكرون ، حتى قطع (يوسف) حبل الصمت قائلاً:
- لقد وصلنا !
التفت الجميع بدهشة لما وصلوا له ، كانوا أمام منزل صغير و حديقة صغيرة تحيط به ، و قد اكتسى المنزل باللون الأبيض بينما كانت الحديقة تحتوي على الحشائش الخضراء و بعض أشجار المانجو المتناثرة ، فتساءلت (رزان) قائلة :
- هل وصلنا إلى فيلا 10 بالفعل ؟!
أوميء (يوسف) برأسه و قال :
- لقد كان أبي و عمي يقضيان فيها وقتًا كبيرًا حينما كانا صغيران ، و عندما تحدثت مع أبي صباحًا ، أخبرني بمكان الفيلا ، و جئنا لهذا المكان لنبحث عنها و ها قد وجدناها .
- أهذا ما كنت تعنيه بأنك لا تعرف مكان الفيلا و لكنك ستصل إليها عندما تصل ؟!
- أجل .
ابتسمت (رزان) و تبعته داخل الفيلا الصغيرة ، و وجدا باب المنزل مفتوح فدخلا إليه ، و علت الدهشة وجهيهما ...
كانت ردهة المنزل واسعة و تبدو السلالم التي تقود إلى الطابق العلوي نظيفة و جديدة ، و على يمينهما استقر جهاز تلفاز أمامه طاولة قصيرة الأرجل و أريكة و قد استقر عليها روب صوفي ، و على الطاولة كانت هناك جريدة و نظارة قراءة موضوعة فوقها ، و على يسارهما رأيا طاولة شاي صغيرة و استقر عليها كرسي وحيد و عليه كوب شاي و النافذة مفتوحة !
عقدت (رزان) حاجبيها و غمغمت :
- هل هذا منزل مهجور؟!
تحرك (يوسف) من مكانه نحو الطاولة الصغيرة و هو يتمتم :
- كلا ، بالطبع ! لقد كان هنا أحياء .
- و أين هم الآن يا ترى ؟!
التقط (يوسف) الجريدة و قال:
- إنها بتاريخ العاشر من نوفمبر عام ألفين و تسعة !
قالت (رزان) :
- أي منذ حوالي الشهر !
ثم التقطت الروب الصوفي و تفحصته قليلاً ثم سألت (يوسف):
- هل كان يرتدي عمك هذا الثوب ؟!
هز (يوسف) رأسه نافيًا و أجاب :
- كان أنيقًا و يرتدي ملابسًا أنيقة و ليس كهذا !
همت (رزان) بقول شيء ما حينما قاطعتها صيحة (ندى) قائلة :
- الشاي ساخنًا !
علت الدهشة وجه الجميع و أسرعوا ناحية الطاولة الصغيرة و مسكت (رزان) الكوب ثم عقدت حاجبيها ثانيًا و قالت :
- إنه ساخنٌ بالفعل !
تمتم (هاني):
- مستحيل !
عقدت (هدى) حاجبيها و قالت :
- ما الذي يحدث هنا بالضبط ؟
و هنا صدرت حركة عنيفة من الطابق العلوي ، جعلت (يوسف) و (رزان) يسرعان في الصعود و حين وصلا ، لم يكن هناك شيء !
التفت (يوسف) حوله و قال:
- ماذا حدث؟! أنا متأكد من أنني سمعت صوت جلبة من هنا !
تحركت (رزان) نحو نافذة الطابق العلوي و هي تتمتم :
- ربما ...
و توقفت مكانها و قد شعرت بتيار بارد يمر حولها ، فأغمضت عينيها ببطء ثم فتحتهما بعد دقيقة و التفتت ببطء إلى (يوسف) قائلة :
- لقد كانت الجلبة من هذه الغرفة !
و أشارت ناحية غرفة مغلقة ، حاول (يوسف) فتحها عدة مرات و لكن بلا فائدة ، فصاحت فيه (رزان) قائلة :
- ابتعد ! سنفتحها معًا بعد ثلاثة !
واحد – اثنان – ثلاثة !
و اندفعا معًا فحطما الباب و حين دخلا الغرفة ، كانت في انتظارهم مفاجأة أخرى !
حدق (يوسف) و (رزان) بدهشة و تشكك في ذلك الجسم الضئيل أمامهما ، كان ذو شعر أبيض ناعم و طويل ، و عينين واسعتين خضراوتين ، و فم دقيق و شارب رفيع ، و كان يتطلع لهما بمنتهى الفضول و الحذر ...
صاحت (رزان) بيأس :
- قطة !
اقترب (يوسف) من القطة الخائفة و هو يقول :
- إنها ليست مجرد قطة ! إنها (ميشو) لقد كانت أعز صديق عند عمي أسامة –رحمه الله-
تلفتت (رزان) حولها و غمغمت قائلة :
- تبًا ! و كيف دخلت هذه القطة إلى هنا ؟ لا يوجد مخرج واحد و النافذة مغلقة و .. آآه
كانت (رزان) تسير في الغرفة و هي تتكلم ثم وقعت و وجدت نفسها في ظلام دامس ، و من بعيد سمعت صوت (يوسف) يقول :
- رزان ! هل أنتِ بخير ؟!
فصاحت قائلة :
- أجل ، أنا بخير ، لكن أسرع بإخراجي من هنا فالرائحة لا تُطاق !
ضحك (يوسف) و أسرع بمد ذراعه داخل الحفرة في أرضية الغرفة الخشبية و تعلقت (رزان) بذراعه و ضمت ركبتيها و سحبها (يوسف) بسرعة و خفة ، و حين وقفت (رزان) فوق أرضية الغرفة مجددًا ، نفضت الغبار عن ثيابها و صاحت :
- تبًا ! هكذا صعدت القطة إلى هنا ، لقد كانت بالأسفل !
- أجل ، يبدو هذا ، إنها الثانية عشرة يا (رزان) !
التفتت إليه (رزان) بحدة و صاحت :
- ماذا تقول ؟!
ثم أسرعت هابطة السلم و هي تصيح :
- هيا ، فلنجتمع في الحديقة !