أجلسني أبي يوماً في حجره مسح على رأسي .. ضاماً بيده الاخرى يدي الصغيرة , و همس لي بحنان الأب ~ يا إبنتي قالت لي أمي يوماً : { كن ذئباً .. و إلا ستأكلك الذئاب .. }
و كأني به يقول ..
زهرتي الجميلة .. أميرة قلبي .. و المتربعة على إمبراطورية حياتي ..
أردتكِ أن تكوني فراشة جميلة , بديعة الألوان , فائقة الجمال .. تتنقل من زهرة لأخرى لكن .. الحياة ليست زهوراً و ألوان .. و الفراشات الجميلة صغيرة و ضعيفة!
أريدك نسراً .. صقراً محلقاً في الأعالي , حيث القمم و لا شيء غير القمم.. أريدك في الأعلى تطاولي السحب و النجوم .. تتلمسي الأكوان بأناملك ~
أردتكِ أن تكوني وردة بيضاء طاهرة ذات رائحة زكية تعطر الأرجاء بأريجها .. لكن .. الورود تجذب الحشرات , تتلمسها الأيدي العابثة و يقطفها القاطفون حينها تشمها الأنوف و تتناقلها الأيدي!
أريدك شجرة وارفة الظلال لكِ جذور عميقة راسخة في الأرض لا تتزعزع .. لا يمكن نقلها و لا تكف عن العطاء ~
أردتكِ أن تظلي طفلتي الصغيرة اللعوب أحملكِ بين ذراعي .. أرميكِ عالياً و ألتقطكِ ثانية و ضحكاتكِ تملأ دنياي!
لكن .. العمر يمضي و السنون تجرى سراعاً ~ و ستكبرين يا صغيرتي ..
أريدك أن تكوني أنثى واثقة .. إمراة صلبة قوية .. زوجة صالحة و ام حنون ..
يوماًما -عندما تكبرين- أهدي أبناءك رسالة كا افعل الآن .. و اذكريني فيها .. كما أذكر لكِ أمي حين قالت لي : كن ذئباً و إلا أكلتك الذئاب!