لأني فقطْ أريدُ أن أعرِي تجاعيدَ وجهِي ..
وأفضحَ فوهاتِ ضعفِي ..
وأخفِي .. أخفِي ادعاءاتِي ..
سأكتبْ
_______
ما كان لهذهِ القصّة أن تكونَ قصتي
لولا أننِي بهذا الضّعفْ ..
ولولا أنّ صَوتِي لمْ يعرِفْ للعلوّ طَريقْ ..
ولولا أنّنِي لمْ أعرِفْ كيف آمُرُ التاريخَ ، ألّا يكتبْ ..
وكَيفَ أتوقفُ عَنِ الخَوفِ الذِي أدمنتهٌ كَ أفيونْ !
ما كان لهذهِ القصّةُ أن تكونَ قصتِي
لولا أننِي اقتنصْتُ مِنَ الزمنِ فرصاً بالإكراهِ .
.لأثبتَ لنفسِي (تذاكِياً) .. أننِي عَلى صوابْ ..
وأنّ كُلّ الظلامِ الكائنِ حولِي ،
والذي يتسلل كلّ يومٍ أكثر داخِلي..
سينجَلِي .. حالمَا يحينُ الوقتُ .
.لعرْضِ لوحَةٍ .. لمْ ترسمْ بعدْ ..
وللكشْفِ عنْ وجوهٍ .. لمْ أخترهَا بعدْ .
ما كانتْ لهذهِ القصّةُ أن تكونَ قصتِي ..
لولا أننِي قبلتُ أنْ أكونَ ظاهِرَة أخرَى ..
تضافُ لتلكَ الظواهِرِ الحقيرَة التي طالما كُنتُ أبغضهَا ..
وطالما كنتُ أسخرُ منها ..
ولولا أننِي أصبحتُ أنثَى ..
ملتحفَةً بسوادٍ
كانتْ فِي غرفةِ قِياسٍ الموتِ تجربهُ ..
فأصبحَ لونهَا .. وأصبحَ ذاتها .. وأصبحَ هِيَ !
ما كانتْ لهذِه القصّةُ أنْ تكونَ قصتِي..
لولا أننِي كنتُ أمارِسُ معَ العِشقِ فِطرِيّاً
ما أحبهُ ..
وإذا بي .. أسكنُ مدُنٍ خيّلَ إليّ أنها مملكَةُ تخصنِي ..
وإذا بهَا تستحيلُ مدينةً بلا تضاريسٍ ..
وعوالمَ .. بلا حدودٍ ..
ودفءٍ ساذجٍ .. بلا وَطَنْ !
ما كانتْ لهذهِ القصّة اللعينة أنْ تكونَ قصّتِي
لولا أننِي أعطيتُ للخوفِ قامَة .. وللحزنِ قامَة ..
وللبكاءِ قامة .. وللهروب قامَة ..
وللثقوب قامَة ..
ولولا أننِي كنتُ لا أقرأ فِي الجريدَة كلّ صباحٍ
سِوَى أخبارِ المَوْتَى عِشقاً
.. أو الموتَى وطناً
، أو الموتَى موتاً..
ولمْ أغسِلْ يدي مِن سوادِ تلكَ الجرائدْ !
ما كانتْ لهذهِ القصّة أن تكونَ قصّتِي ..
لولا أنني سمحتُ لنفسِي أنْ تتمادَى ..
وسمحتُ لمرآتِي أن توقِظَ تعبِي ..
وأنْ تنقِلَ إليّ عمرهَا العَفِنْ ..
فأدفنَ جانِبهَا ..
في صندوقِ مجوهراتٍ
أفرغه الزمنُ من ذاتِه..
فأصبحَ يشبهُنِي كجمادٍ .. وأشبِهُهْ !
ما كانتْ لهذهِ القصّة أن تكونَ قصتِي..
لولا أننِي ما كلّفتُ نفسِي بتمشيطِ ذاكرتِي إذا ما استيقظتْ..
وما هدهدتُ عنفوانهَا ، وصوتَ تفاصِيلهَا ..
كلمَا أصدرتْ ذاكَ الضجيجُ الخافتُ .. القاتل ..
ولولا أنني تجاهلتُ أخذَ آخرَ قرصِ دواءٍ ..
ظناً منِي ، أنّ الجرحَ سيندَمِلْ .. لوحده !
ما كانتْ لهذهِ اللعنة أنْ تصيبنِي ..
لولا أننِي لمْ أعبرْ يوماً (مطبَا) .. للنسيان ..
خوفاً أن أكونَ بلا ماضِي ..
ولولا أننِي تركتُ العناكِبَ تنهشُ فِي الأثاثِ القديمِ
وتمنعُ عنه الماءَ .. وكلّ الهواءْ ..
وجبالُ الجثثِ تعلوٌ خلفَ البابِ ..
فالعناكِبُ لا تحترمُ الحزنَ ..
ولا تحسبُ حسابَ الألمْ.
ما كانتْ لهذه القصة أن تكونَ قصّتِي ..
لولا نظرتِي المحايدَة لما يحدثُ لي..
ولما يحدثُ حولِي ..
ولولا أننِي دُرتُ في كل الدوائِرِ وحدِي ..
تجاهلتُ من هم خارجَ كونِي ..
وأبدعتُ فِي فقدانِي .. وحدِي ..
وحينَ اصطدمتُ بمرآةِ خوفِي ..
نظرتُ إليّ ..لمْ اعرف الكثيرَ عنِي ..
عرفتُ أن القصّة بالفعلِ صارتْ قصتِي ..
تلك القصة التي لم أخترْها ..
والتي حينَ فرضتْ عليّ .. لمْ أختر دورِي فيهَا ..
صارتْ القصة قصتِي ..
محاور مفرغةُ منَ الأحداثِ ..
فماذا سأكتبُ عَنها ..
وبماذا سأجيبُ أبنائي ..
إذا ما سألوني .. عن الفصل الأولِ .. أو الأخير ..أو الفصل الأوسطَ ..
بماذا أستعينُ .. لأفجرَ مناجمَ الكلماتِ ..
واستفزّ كاتبَ التاريخِ ..
ليغيرَ أقوال الشهودِ ..
ويغير شكلَ الدوائِرِ
وحجمَ الجرائدِ ..
ولونَ المقاعدِ ..
وليغيرَ القصةَ التي قدّرَ لها ..
أن تكونَ ببطلٍ خاسرٍ ..
واحد.
تمتْ